63 - رحلة إلى اليابان 12# - قراءة المستقبل

الفصل 63 : رحلة إلى اليابان 12# - قراءة المستقبل.

--------------------------------------------------

دخل (أورين) البوابة وظل يمشي في الطريق الخشبي الطويل حتى وصل إلى الفناء الخلفي المقدس التي تحدث عنه (هيرومي) ووجد الكاهنة (ميدوريكو) تجلس تحت شجرة كبيرة على حصيرة زرقاء مزخرفة. فتوجه نحوها وجلس أمامها فحاول محادثتها بعد أن وجدها مغمضة لعينيها ولا تحرك ساكنا.

"أحمم... مرحبا."

كانت الكاهنة (ميدوريكو) تتنفس ببطئ شديد ولم ترد على (أورين)، فقال لها مجددا:

"مرحبا؟"

حينها رفعت رأسها ببطئ وقالت له:

"مرحبا... أهلا بك في الفناء المقدس."

فدخل (أورين) مباشرة في صلب الموضوع بدون مقدمات قائلا لها:

"مرحبا! آمم... لقد تم اخباري بأنه يمكنك قراءة المستقبل."

أجابته الكاهنة بهدوء:

"في بعض الأحيان نعم، وفي أحيان أخرى لا. وفي أحيان أخرى أستطيع أن أرى فقط جزءاً من المستقبل."

فقال لها:

"آه... دعيني أخمن.. ذلك يعتمد إن كنتِ على حق أم لا. أنا آسف، ولكني لا أصدق عادة مثل هذه الأشياء. لقد رأيت بعض الأشياء المجنونة في حياتي ولكن هؤلاء العرافين... لطالما اعتقدت بأنهم فقط يخدعون الناس."

أجابت الكاهنة (ميدوريكو) على ذلك الكلام:

"أنا أتفهم شكوكك."

فأكمل (أورين) كلامه:

"على كل حال بامكانك تغيير رأيي. هيا خمني الرقم الذي أفكر به الآن."

أجابته مباشرة بدون تفكير:

"لا أعرف."

بدا (أورين) خائباً فقال لها:

"حقا؟ اعتقدت بأنك ستحاولين على الاقل."

فتنهد وقام من مكانه ليغادر المكان وهو يقول:

"حسنا، لقد كان من الجيد لقائك، ولكن يجب أن أذهب. أتمنى لكِ يوما سعيد!"

في تلك اللحظة ظلت الكاهنة (ميدوري) صامتة وأخفضت رأسها قليلاً وبينما كان (أورين) على وشك الابتعاد عنها قالت له بصوت هادئ جدا:

"إذا كنت تعرف بأن

جريموار ماغنوس

موجود في إنجلترا، فما الداعي إلى العجلة؟"

توقف (أورين) مكانه وتصلب جسده وكان قد أظهر وجها مصدوماً، فأكملت الكاهنة كلامها:

"أنت فقط من يمكنك إيجاده. الرجل الآخر الذي يبحث عنه... لن يجده. لن يستطيع إيجاده حتى ولو كان تحت أنفه مباشرة."

استدار (أورين) بسرعة وجلس أمامها مرة أخرى وهو غير مصدق لما قالته له للتو، فقال لها وهو مرتبك:

"هل تعلمين عن الجريموار؟ عن (عزازيل)؟ وعن أبناء (عشتروت)؟"

فأجابته بنبرة جدية هذه المرة:

"أعرف بعض الأشياء، وأشياء أخرى لا أعرفها. وفي بعض الأحيان... أعرف أجزاءاً معينة فقط."

كان (أورين) يريد أن يتحدث ويخرج كل ما لديه ولكنه بدأ يتلعثم، فصمت قليلاً وبدأ يرتب أفكاره إلى أن بدأ يسألها سؤالاً تلو الآخر.

"هل سوف أعثر على الجريموار؟"

فأجابته: "أجل ستفعل... إذا لعبت أوراقك بشكل صحيح."

"وأين هو الجريموار الآن؟"

أجابته: "أنت تعرف ذلك مسبقاً. بعيدا عن هنا. في إنجلترا. داخل قصر (ماغنوس)."

"وأين هو (ماغنوس)؟"

صمتت الكاهنة قليلاً ثم قالت:

"مع كتابه، أكثر حذرا من أي وقت مضى..."

رفع (أورين) حاجبه وكان يضع قبضة يديه على فمه من شدة التوتر وهو على وشك سماع حقائق لا يعرفها عن الجريموار وصاحبه، فسألها:

"إذا... هل صحيح بأنه خالد لا يموت؟"

أجابته الكاهنة (ميدوريكو):

"نعم إنه كذلك. حياة لا نهاية لها مليئة بالألم والمعاناة، متمنيا الموت لنفسه."

استغرب (أورين) من ذلك وسأل:

"لماذا؟"

فقالت له: "الخلود الذي يمنحه الجريموار ليس بنعمة، بل هي لعنة. وسوف تعرف قريباً السبب..."

"حسنا، وكيف لي أن أدمر الكتاب؟"

رفعت الكاهنة رأسها نحو الأعلى وقالت له وهي تحرك رأسها بالنفي:

"لا يمكن تدميره. يجب أن تبقيه مخفيا. عندما تعثر عليه، لا يجب عليك فتحه. ولا يجب عليك قرائته. يجب أن تغادر بدون أن تفتحه. حينها، ستكون قادرا على قرائته، ولكن ليس بعينيك."

ظهرت ملامح الغباء على وجه (أورين) وقال لها متسائلاً:

"مـ-ماذا يعني ذلك بحق الجحيم؟"

"سوف تعرف عندما يأتي وقت ذلك."

ظل (أورين) صامتا لوهلة وهو يفكر في كل ما قالته له الكاهنة (ميدوريكو) للتو، ومن ثم نظر إليها مطولاً وسألها:

"ماذا عن أبناء (عشتروت) هل سوف أكون قادرا على هزيمتهم؟"

فقالت له ردا على سؤاله:

"يمكنهم الفوز... ويمكنهم الخسارة أيضاً. قدرنا ليس مكتوباً. الأمر يعود إليك. (عشتروت)... كائن قوي.. قاسي، أقوى من أي أحد منا. ولكن.... فهو بشر بعد كل شيء. إذا حصل على ما يبحث عنه... فتلك ستكون النهاية. ويجب عليك منع ذلك. (إسماعيل)... في المرتبة الثانية وهو الثاني قياديا بعد (عشتروت). يساعد قائده على ارجاعه إلى المسار الصحيح عندما.... يضل ويضيع في شره. كما أنك التقيت به بالفعل من قبل...)

استغرب (أورين) وأمسك رأسه وكان يشعر وكأنه سينفجر بعد سماعه لكل تلك المعلومات وخصوصا حول لقائه ب(إسماعيل) من قبل، فتسائل وهو مرتبك:

"هل التقيت به حقا؟ أ... أنا أعلم بأن والدي (تشارلز) متورط في كل هذا الوضع بطريقة ما... هل هو (إسماعيل)؟"

فقالت له الكاهنة:

"قد يكون هو... وقد لا يكون."

ثم صمتت فعلم (أورين) بأن الكاهنة لا تعرف كل شيء حقا كما قالت له من قبل، فسألها:

"وماذا عن البقية؟"

فأكملت كلامها عن أبناء (عشتروت):

"(عزازيل)... إنه قريب.... يحاول إيجاد الجريموار، وأن يأخده إلى سيده. ولكنه لا يستطيع العثور عليه... كما أنه بدأ بالفعل بالشعور بالقلق... وفي الأخير سوف يأتي من أجلك.. كن حذرا... . (آشماداي) هو حليفك... في الوقت الراهن. ولكن... هو بالفعل قام بخيانة جماعته لمرة... نفس البشر طماعة وجشعة... قد يفعلها ثانية... احترس منه."

انتهت أسئلة (أورين) حول كل ما يتعلق عن المهمة التي يتولاها، فظل صامتاً بينما يحك رأسه، حتى تنهد وعادت نفسيته إلى طبيعتها وسألها مرة أخرى ولكن هذه المرة بأسئلة مختلفة.

"متى سوف أموت؟"

أجابته: "لا أحد يعلم... الأمر يعود إليك. كل قرار تتخده قد يكون فيه حياة أو موت. يمكنك أن تموت في عمر الشيخوخة بجانب المرأة التي تحب... أو يمكنك الموت غدا..."

"هل سأصبح غنياً؟"

"لا."

ضيق (أورين) عينيه بعد أن أجابته الكاهنة بسرعة كبيرة مقارنة بسرعة اجابتها عن الأسئلة الأخرى السابقة، فقال لها:

"الأمر لا يعود إلى-"

لكنها قاطعته لتقول له بطريقة باردة وخالية من المشاعر:

"لا."

لم يفهم (أورين) ماذا يحصل فأراد أن يذكرها بكلامها التي قالته له قبل قليل:

"اعتقدت بأن قدرنا غير مكتوب...."

لكنها قاطعته مجدداً وقالت بكل جدية:

"لقد قلت لا."

غضب (أورين) قليلاً من ذلك وبعد يسب ويلعن. فهدأ بعد ذلك وأكمل أسئلته:

"ماذا عن حب حياتي؟"

ضحكت الكاهنة (ميدوريكو) بطريقة لطيفة ومحترمة وقالت:

"هاها... الحب... هل تساءلت من قبل عن سبب نجاح علاقتك مع المرأة التي تحب؟"

فابتسم (أورين) وقال لها وهو يغمزها:

"آمم... بسبب الكاريزما الخاصة بي؟"

أجابته: "همممم... قد يكون ذلك صحيحاً.... نصيحتي لك بأن تنتظر.. لأن وقت اتخاد القرار سيأتي قريباً.. في الزمن الحالي فقط استمتع."

"هممم نصيحة جيدة!"

انتهت الأسئلة من رأس (أورين) تماما ولم يجد ما يسألها عن حياته، وقبل أن يقوم من مكانه ويغادر فكر في سؤال فضولي فقال لها:

"هل صحيح أن (مارك زوكربيرغ) هو رجل سحلية كما تقول تلك النظريات المجنونة؟"

فقالت له الكاهنة بدون تردد:

"أجل."

فصفق تصفيقة واحدة بصوت مرتفع ورفع يديه عاليا وضحك وقال:

"آهاا لقد كنت أعلم ذلك! هاها!"

ثم صمت وتنهد وقال بعدها:

"أعتقد بأنني أعلم الآن بما فيه الكفاية... شكرا لك (ميدوريكو)."

ابتسمت له الكاهنة وقالت له:

"الوداع يا (أورين). فلتحفظك (آماتيراس) خلال رحلتك."

فغادر (أورين) الفناء الخلفي وهو يحدث نفسه:

(ذلك كان... استثنائياً بصراحة على أقل تقدير. ولكن الآن يجب أن أذهب إلى الفندق لأستريح أنا متعب...)

**

مر ذلك اليوم على (أورين) كيوم عادي جدا، أمضاه في التجول في القرية ونتاول الطعام الياباني التقليدي إلى أن أتى الليل وسقط (أورين) نائما كالطفل الصغير.

حل الصباح وقام الجميع بنشاط.

أورين: "إذا... ما هي خطط اليوم؟"

جودي: "لقد سمعت بأنه سيحتفلون في مهرجان اليوم في القرية."

أورين: "أوه، يبدو ذلك رائعاً!"

جودي: "سوف نخرج الآن في نزهة."

أورين: "هل أستطيع القدوم معكم؟"

صاحت (لورين) وهي تسخر من (أورين): "الفتيات فقط!"

ظل (أورين) لوحده في الفندق وهو يشعر بالملل، حتى أتى الليل واستلقى على سريره بعد أن أمضى يومه في التسكع في القرية فقط، وهو غير راضٍ عن ذلك لأنه قد اقترب وقت رحيله من اليابان بعد أن أكمل مهمته في إيجاد مكان الجريموار. فكان يحدث نفسه قبل أن ينام:

"يا رجل، من المؤسف بأننا سنرحل غدا... آمل بأن أعود إلى المدرسة وأكمل حياتي العادية... مؤخرا أصبحت حياتي أي شيء ما عدا كونها طبيعية. وعلى الرغم من ذلك لا يمكنني أن أشتكي. نعلم أين يوجد الجريموار الآن. سوف نعثر عليه وسوف ندمره. وبعدها، يمكننا وضع كل هذه المشاكل خلفنا وأن نعيش بسلام.............. واو... ماذا لو كان كل ما نقوم به خاطئاً. يبدو وكأن ما نفعله يجب أن يكون خاطئاً، ولكن لا يشعرك فعلك لذلك بالخطأ على الإطلاق... ربما ذلك فقط جزء من الإثارة والتشويق..."

فتثاءب (أورين) ومن ثم قال وهو يشعر بالنعاس:

"سأفكر في ذلك في وقت آخر، أنا حقا متعب ونعسان... يجب أن أحظى بقسط من الراحة.."

لكن... وفي تلك اللحظة....

اللحظة التي أغلق (أورين) جفونه ودخل في نومه العميق....

صدر صوت يشبه صوت حشو المسدس، وتحدث صوت مجهول وغاضب في الغرفة قائلاً:

"استيقظ."

فتح (أورين) عينيه مفزوعاً ولكنه لم يحرك ساكنا بعد أن رأى من يتواجد في غرفته، كانت عيناه مفتوحتان جداً ولم يرمش قط منذ استيقاظه.

كان (أورين) بين قدمي رجل يرتدي ملابس ساموراي مع قناع أحمر وكان ذلك الرجل يحمل مسدساً ويشهره مباشرة نحوه، فتحدث (أورين) إلى ذلك الرجل في خوف وسأله:

"مـ-من أنت؟"

أجابه ذلك الرجل بنبرة مخيفة:

"ألا تعرف بالفعل؟ لقد كنت تسأل عني باصرار مؤخرا. أنا (عزازيل)."

بلع (أورين) ريقه من الخوف وسأله مجدداً:

"مـ-ماذا تريد مني؟"

أجابه (عزازيل):

"أنت تعرف ماذا أريد:

جريموار ماغنوس

. اعطني إياه."

يتبع..

2022/07/17 · 70 مشاهدة · 1433 كلمة
نادي الروايات - 2024